لماذا ننتقد مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي لكن نصدّق أخبارها؟

آخر تحديث: 2020-08-21 | 11:34
لماذا ننتقد مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي لكن نصدّق أخبارها؟ اختيارات المحرر

كشفت دراسة قام بها الباحث حسام بن سكايم أنّ 75% من الأساتذة الجامعيين الجزائريين يعتقدون بأنّ أغلب مضامين مواقع التواصل مجهولة المصدر، في حين يعتمد 52% من الأساتذة عليها في جمع المعلومات بصورة شبه دائمة. فما سرّ هذا الأمر الذي يظهر أنه تناقض؟

قد تبدو الإجابة عن التساؤل بسيطة ومتمثلة في سهولة التعرّض لمواقع التواصل والتكاسل عن البحث واستقصاء صحّة الأخبار، لكن الأمور غالبا تكون على خلاف صورتها المبدئية. فيقول عالم النفس الشهير Daniel Gilbert أنّ » الإيمان أسهل بكثير من التشكيك « 

 

دماغنا ساحر ومهووس بالتناقضات

 

أغلبيتنا الساحقة تحمل في أدمغتها أفكارا أو معلومات متناقضة لكننا غير واعين بها بسبب طريقة الدماغ في التخزين والمعالجة، فعلى طريق المثال قد يؤمن البعض بالحرية الفردية في أشياء ولا يفعل في أخرى. يميل الدماغ إلى اختصار الطريق، فلا يقوم، لأنه لا يملك الآلية، بتحليل الأفكار الجديدة من أجل معرفة إذا كانت متناقضة مع أفكار مسبقة. وبهذا يؤمن الفرد بأن الأخبار الفايسبوكية، أو غيرها، كاذبة وصادقة في ذات الوقت، لكنهم، على ما يبدو، يختارون القول فقط أنها كاذبة خوفا ربما من رفض المجتمع لتفكيرهم إن قالوا أنها صادقة. ولكن هذا التعليل مع أنه ظهر في كتاب سيكولوجي بعنوان BRAIN BRIEFS يبدو متعارضا مع تفسير نظرية “الانحياز المعرفي” السيكولوجية التي تفيد بأنّ الدماغ يتقبّل فقط المعلومات التي لا تتعارض مع ما في دماغه مسبقا. وهي، أي النظرية، تفسّر أيضا ميول روّاد مواقع التواصل إلى تصديق أخبار من مصادر يدركون جيدا أنها من دون مصداقية فقط لأنها تحقق إشباعا عاطفيا وأيديولوجيا في الطريق المسطّر منذ القِدم.

قد يتسائل أحدٌ ساخرا؛ إن كان العلم متعارضا فيما بينه فكيف للكائن البشري ألّا يتناقض؟

بغض النظر، فإنّ ما قد يفسّر أيضا هذه النزعة الرقمية هو السياق، فكلّ الأفكار لها سياقها الخاص، والتعبير اللغوي قد يكون عائقا في عدم توضيح أو فهم السياق، فمثلا يؤكد البعض أنّ مواقع التواصل فاقدة للمصداقية، لكنهم، على ما يبدو، يفشلون في التعبير أنّ كلامهم هذا ليس مطلقا وإنما يتأقلم مع الظروف والسياق. كأنهم يميلون لتضخيم المعتقدات فقط لأنّ عدم التحديد أسهل بكثير وله طابع درامي أكثر إثارة.

أهمية السياق تتجلى في موضع آخر هو أنّ الدماغ قد يربط الأفكار بسياقات معيّنة ولا يكلّف نفسه عناء الاستطلاع والتحليل، فعلى سبيل المثال في لحظة طرح أسئلة على مجموعة متصفحين لمواقع التواصل حول مدى مصداقيتها فإنهم يتذكرون كلّ ما سمعوه من أفواه الناس أو منشوراتهم على أنهم لا يجدر بهم تصديق أخبارها، فدماغهم بهذا يقوم بإرسال لهم هذه الإجابة، بينما حين نسألهم عن مدى اعتمادهم على أخبار هذه المواقع فإنهم يتذكرون كلّ المعلومات التي لم تكن كاذبة وكانت من مصادر موثوقة ويجيبون أنهم “نعم” يعتمدون على هذه المواقع كثيرا.

 

المصدر: وسائل إعلامية

حمزة فؤاد مطيبع

كل شيء على جو

"جو راديو jow radio" إذاعة شبابية ترفيهية فنية تبث من الجزائر عبر الأنترنيت وبشبكة برامجية ثرية ومتنوعة تجمع بين الفن والثقافة، الرياضة، الترفيه والكثير من الموسيقى على مدار الساعة، إضافة إلى تقديم مضامين ترفيهية وثقافية واجتماعية عبر منصاتها على الفايسبوك واليوتيوب والانستغرام .

زيدو حوسو
app